كان هناك أربعة مجانين أراد الطبيب أن يعرف أعقلهم فرسم بابا على الجدار وطلب منهم الدخول من هذا الباب فانطلق ثلاثة وبقي واحد فسأله الطبيب عن سر امتناعه فقال : مفتاح الباب معي . فقلت في ذلك :
كان مجانين أربعة=مع الطبيب بلتعة
أراد أن ينظر من=أعقل من في الأربعة
فخط كالباب على=سور أحاط المزرعة
فقال سيروا عبره= مثل الخيول المسرعة
فأقبلوا جميعهم= كالصخرة المدعدة
لكن واحداً أبى = لعل عقلاً أقنعه
قال الطبيب مالذي=عن سيره قد منعه
فرد في إجابة=تبدو لديه مقنعة
مفتاح بابكم معي= والجيب قد استودعه
سير الفتى مستعجلاً=يصد عنه المنفعة
شد الطبيب رأسه=واغتاظ مما سمعه
وقال قولة غدت= ذائعة وشائعة
من عاش فينا سالماً=و كان عقله معه
خيرا له من ذهب=أو مغنمًٍ سيجمعه
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14 كان مجانين أربعـة مع الطبيـب بلتعـة
أراد أن ينظـر مـن أعقل من في الأربعة
فخط كالبـاب علـى سور أحاط المزرعة
فقال سيـروا عبـره مثل الخيول المسرعة
فأقبلـوا جميعـهـم كالصخرة المدعـدة
لكـن واحـداً أبـى لعـل عقـلاً أقنعـه
قال الطبيب مالـذي عن سيره قد منعـه
فـرد فـي إجـابـة تبـدو لديـه مقنعـة
مفتاح بابكـم معـي والجيب قد استودعه
سير الفتى مستعجلاً يصد عنـه المنفعـة
شد الطبيـب رأسـه واغتاظ مما سمعـه
وقال قولـة غـدت ذائـعـة وشائـعـة
من عاش فينا سالمـاً و كان عقلـه معـه
خيرا له مـن ذهـب أو مغنـمًٍ سيجمعـه
القصة الثانية
رساله
وحده مركون في زواية النسيان،يتقلب بين المواجع والآهات..أصوات الرصاص المطاطي تحتل مسامعه كما يحتل الوجع قلبه..أرصفة الشوارع تتفلت من تحت قدميه،تهرول نحو الشعارات التي تستند إلى الجدران التي تتساقط أضلاعها على الحجارة وترسم في يدي الوطن صورة للأمل..تبدو الشوارع هادئة هذا اليوم،لقد كانت ليلة البارحة عصيبة..آثار الدم تركض متعبة وتتكوم عند متاريس الحجارة .
-آه...كم أنت متعب أيها القلب.
قال هذا وحملته قدماه إلى زاوية الشارع يتبادل الهمس مع أنينه..تبادلا النظرات..صورة لشخص واحد..أم أنه لم يعد اختلاف في الوجوه.؟صوت قادم من بعيد..أصوات قلقة..رغم كل المجنزرات إلا أن شجرة الزيتون تنبت من تحتها..ظهرت أمامه من بعيد دبابة ((الميركافا))..هرولت حبات العرق لتلثم صفحة الأرض بينما قلص نبضه مساحة جسده وحوّله شجرة سنديان تقاوم معولاًأحمق..بدأ الخوف يتسرب من كل زوايا جسده ويركض خلف الدبابة..لايزال يركض ويزداد حجمه خلف النظارات السوداء..مرت الدبابة دون أن يحدث شيء..نهض مع أنينه..أشباح الأصوات القلقة تتنافرخلف الشعارت المكتوبة باللون الأحمر..يطغى في داخله اللون الأحمر..يضع يده على رأسه ويركض.. ويركض أنظاره ترحل نحو المسجدوكل ما فيه يتبع همسها..يدخل المسجد.. ينتهي كل شيءويلفه الأمان بذراعيه..يستريح قلبه قليلاً يؤدي ركعتين ويتسلل بخجل إلى بيته.
-رجعت يا أمي..رجعت
عينا والدته تجولت في خارطة جسده وابتسامتها الصفراء تمد يدها وتهز القلق من جديد.
-أمي..أريد منك فنجاناً من القهوة.
-تكرم..تكرم
غابت الأم في ظلمة البيت ..وحدها الشموع تتحارب مع الظلام..استند إلى الطاولة قليلاً ..تبادل النظرات مع صور المعتقلين على الطاولة ..كل ما فيهم قصص وحكايا..عاد التيار الكهربائي مع فنجان القهوة ودموع أمه ..تناول الفنجان..مدّ يده ومسح دموع أمه..
-ما الذي يـبكيكِ؟!
-لاأدري يبدو أنّ عيوننا صارت شقيقة الدموع؟!!
أدارت ظهرها والتهمت ما تبقى من ظلام..تمرد الصمت على قدرة الكلام وتسيد الموقف..
يكره الصمت ..لكنه هذه المرة تبادل الصمت مع الصمت..أسند رأسه إلى الطاولة.. يحاول أن يستذكر لحظات دراسته..أوراق رسالة الدكتوراه أمامه ..دموعه هي الأخرى تحاول أن ترسم طريقه بين أوراق الرسالة ..ليست رسالة عادية ..حكاية شعب هي.. حكاية مساحة للألم تمتد ما بين الوريد والوريد..الظروف النفسية للمعتقلين في سجون الاحتلال..أوراق في علم الاجتماع..هل تكفي ؟!.لقد عاش المعاناة مع شعار اللأمم المتحدة ..التعذيب بالكهرباء آه..آه..أطاح بفنجان القهوة..تفرقت الشظايا بينما شربت الجادة فنجان القهوة على مضض..يشعر كما لو أن بركاناً انفجر في داخله..فتح الصندوق الذي كان أمامه على عجل..أخرج البندقية الآلية.. ضمها إلى صدره..مشى خطوتين قبل أن يبث جهاز هاتفه المحمول أنغام اتصال.
-إنه هاتف الجامعة.
-مرحباً
-فراس لقد قرر مجلس الجامعة تاريخ الدفاع عن أطروحتك..ثلاثة أيام تفصلك عنها.
-شكراً.
وضع البندقية جانباً ..قلّب الهاتف بيديه..حاول أن يبث شكواه من خلاله..لكنه لا يعرف أحداً..وضعه على نظام الرسائل القصيرة،كتـب:
-أنا فلسطيني..يحاول استجداء طريقه.
أرسلها إلى رقم لا على التعيين ..جاءه الرد
-أنا سوري..أجسادنا..منارة للأقصى
التهم حروف الرسالة قبل أن تتفلت شرايينه ..وضع يده على البندقية وهمس لها:
-ما الذي يمنع المنارة من ايصال ضوئها؟؟.
حمل أوراقه واقترب من الباب ..قبل أن يسمع طرقات عليه..فتح الباب وجوه اسرائيلية تعتقله.
-التهمة ؟
-الإساءة للديمقراطية الإسرائيلية.
تدحرج في زنزانته قبل أن يوصد الباب دونه.
-هذه المرة الظروف النفسية ستكون أكثر واقعية
قالها وضحكاته تملأ جوانب الزنزانة ..دراسة هذه المرة تحت شعار فلسطيني دون أمم متحدة..ساعت التعذيب أكلت جسده وأضافت أشياء جديدة لأوراق الرسالة..اليوم الثالث ..ساعة الدفاع..ضاع الحلم ..ضاع الحلم..ظلمته التهمت ظلام الزنزانة..توقف الزمن..توقفت محاجر عينيه..سقط أرضاً.. ينتظر الموت صوت الهاتف المحمول رفس شبح الموت بعيداً.
-فراس..سيكون دفاعك عبر المحمول.
بدأ فراس الدفاع.. جدران الزنزانة تئن معه..أحجارها تشارك وطنها ألم الموت..شعر فراس بالبلل يحيط بقدميه..الماء يتدفق في الزنزانة .. لم يأبه لذلك..أكمل الدفاع وهو يشعر أن جسده أكبر من كل السجون.. انتهى من دفاعه وهو ينتظر قرار لجنة التحكيم..شعر بالكهرباء تلسعه ..طار في الهواء..احترقت مشاعره والجسد..سقط على أرض الزنزانة متوقفاً قلبه وصوتٌ قادمٌ من الهاتف يصرخ:
مبارك... مبارك...مبارك...فراس.
.................................................. ..........................
القصة الثاالثة
مات فاحترقت معه الصور
كنت جالسه في المنزل عندما رن جرس الهاتف فنهضت ورفعت السماعة فإذا بر جل يطلب صاحبا له :
قلت له ان الرقم خطا و ألنت له صوتي فإذا به يتصل مرة ثانيه وأكلمه حتى قال إنه يحبني ولا يستطيع الاستغناء عني وأن نيته سليمة فصدقته وذهبت معه وأخذنا صوراً عديدة وبعد أربعه سنوات مكثها معه إذا به يقول إذا لم تمكنيني من نفسك فسأفضحك وأقدم الصور لأهلك فرفضت بشدة وابتعدت عنه و أصبحت أرفض مكالمته بالهاتف أو مقابلته ويقدر الله أن يخطبني صاحب أبي وقبل زواجي بأيام اتصل بي ذلك النذل وقال لي: إن تزوجت هذا الرجل فسأفضحك عنده فأصبحت في حيره من أمري و توجهت إلى الله وادعوا الله بإخلاص أن يخلصني من هذا الرجل وبعد يومين من زواجي علمت أنه أراد الذهاب لزوجي ومعه الصور وفي طريقه إلى مقر عمل زوجي توفي في حادث سيارة و احترقت الصور معه.